Physical Address
304 North Cardinal St.
Dorchester Center, MA 02124
Physical Address
304 North Cardinal St.
Dorchester Center, MA 02124
دمشق- ويقول مراقبون إن النظام السوري المخلوع ترك إرثا اقتصاديا ثقيلا للحكومات اللاحقة التي ستواجه صعوبة في إدارة الدولة في المرحلة المقبلة، خاصة الحكومة المؤقتة التي يقودها الأسد. محمد البشير والتي تشكلت يوم الثلاثاء الماضي.
ويعتبر البنك المركزي العمود الفقري للاقتصاد السوري من خلال سيطرته على الأدوات والسياسات النقدية الأساسية التي لها تأثير مباشر على الاستقرار الاقتصادي والتنمية في المرحلة المقبلة، ويتولى مسؤولوه مهام مهمة لا تقتصر على حماية الاقتصاد السوري. الاقتصاد الوطني. العملة أو تنظيم القطاع المصرفي.
وكشف رئيس الحكومة المؤقتة في سوريا، محمد البشير، في تصريحات صحفية، أن خزائن البنك تحتوي فقط على الأوراق النقدية بالليرة السورية، مع نقص السيولة بالعملات الأجنبية، مشيراً إلى أن الحكومة مستمرة في جمع البيانات حول القروض والسندات. .
ووصف البشير الوضع المالي للبلاد بأنه “سيء للغاية”.
الجزيرة نت زارت البنك عدة مرات خلال الأسبوع الماضي للوقوف على أحواله ومخزونه الاحتياطي وخططه المستقبلية، لكن مديريه المؤقتين رفضوا الإدلاء بأي تصريح.
ومع إعلان قوات الردع سقوط النظام وانتشار الفوضى في العاصمة دمشق، الأحد الماضي، تعرض البنك لعدة عمليات سطو قام بها مدنيون مجهولون، وثقتها الصور وتسجيلات الفيديو.
قال المعارض السوري والخبير الاقتصادي ومستشار الأسد السابق أيمن عبد النور في حديث للجزيرة نت إن البنك المركزي لم يتعرض لهجوم أو سرقة، ولم تتم سرقة حساباته الداخلية أو الخارجية، إلا مع عدد قليل من الأشخاص الذين يقومون بذلك هو – هي. لن يتجاوز 800 ألف دولار بالعملة السورية.
من جانبه أكد أستاذ الاقتصاد الدكتور فراس شعبو أن فترة النظام السابق شهدت تعتيما خطيرا على مسألة العملات والاحتياطيات. ولا أحد يعرف حجم المعروض النقدي المتداول في السوق، خاصة وأن النظام بدأ في السنوات الأخيرة بطباعة كميات هائلة من الأوراق المالية.
وأضاف في حديث للجزيرة نت: “الشيء الوحيد الذي نعرفه هو ذلك سوريا في بداية الأزمة عام 2011، كان لديها 18 مليار دولار من احتياطي الذهب والعملات الأجنبية، وعلمنا في عام 2018 أن الاحتياطي انخفض إلى 8 مليارات دولار. في وقت لاحق لم يكن هناك مزيد من المعلومات حول الاحتياطيات القيمة.
وعانى السوريون في مناطق سيطرة النظام المخلوع بشكل كبير من واقع الحياة والأزمة الاقتصادية، ويعيش 90% منهم تحت خط الفقر منذ عام 2021، بحسب تقرير للأمم المتحدة.
ويؤكد المحلل عبد النور أن “النظام البائد”، على حد وصفه، دمر اقتصاد البلاد من خلال جعله احتكارا يقتصر على عدد معين من الأفراد الذين لهم حق استيراد كافة السلع، وبالتالي السيطرة على كمية المواد المستوردة. والمواد. سعرها في السوق السورية، وبالتالي تراكمت الأرباح لصالح النظام.
وعن طبيعة الاقتصاد في عهد الأسد يقول الخبير الاقتصادي: “للأسف لم يكن هناك سوق اشتراكي ولا سوق حر، كان هناك سوق يمكن وصفه بالرأسمالية النخبوية أو العائلية، وبالتالي لم يكن هناك سوق مالي”. أو السوق النقدية. سياسية، بل مجرد اقتصاد حرب يسعى إلى دعم الآلة العسكرية للنظام ضد… “شعبه”.
وعن دور البنك المركزي في ذلك الوقت بشار الأسد ويقول فراس شعبو أيضاً: “لقد كان البنك بعيداً عن المشهد الاقتصادي والمالي في البلاد لعدة سنوات وكان في حالة موت سريري. النظام السابق لم يكن لديه تفكير مؤسساتي ولم يتبع… السياسات النقدية ومالية واضحة.
وأضاف: “البنك المركزي كان هامشيا والأدوات المالية غير فعالة وكل شيء كان نتيجة قرارات مرتجلة من أشخاص ليس لديهم كفاءة أو لا يعرفون الوضع الاقتصادي”، و”هذا ما أدى إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية”. وتدهور النشاط التجاري بشكل عام داخل سوريا، حتى بعد سيطرة الحكومة السورية. ويسيطر النظام على جزء كبير من البلاد، لكنه يواصل اعتبار المسألة الاقتصادية ثانوية.
ويسلط الخبيران الضوء على أبرز التحديات التي سيواجهها البنك المركزي بعد سقوط النظام، إذ يرى عبد النور أن:
من جانبه لخص فراس شعبو التحديات التي تواجه البنك المركزي السوري مستقبلاً في النقاط التالية:
ودعا شابو إلى تفعيل هذه الأدوات لاستئناف الحياة الاقتصادية إلى حد ما في سوريا، فضلاً عن تنسيق السياسات النقدية للبنك المركزي مع السياسات المالية لوزارة المالية وفق نهج ورؤية موحدة.
وقال إن سوريا “تحتاج إلى دعم أجنبي لاحتياطياتها النقدية والتمويل وإعادة الإعمار”.
وأكد مسؤولون اقتصاديون في الحكومة السورية المؤقتة، خلال لقاء قبل أيام مع غرفة تجارة دمشق، أن طابع الاقتصاد في المرحلة المقبلة سيكون تنافسياً وحراً ومفتوحاً للمشاركة.
ويعتبر أيمن عبد النور هذا الاتجاه “ممتازا”، متمنيا أن يؤدي إلى توفر السلع وانخفاض الأسعار، لكنه سيضغط أيضا على العملات المتاحة للاستيراد.
وقال إنه بدون المعرفة والسياسة النقدية والمالية الفعالة وتدخل البنك المركزي فإن هذه السياسة ستؤدي إلى تراجع غير مسبوق في الليرة.
من جهته، أوضح الخبير الاقتصادي فراس شعبو أن هذا الاقتصاد يضمن حرية الملكية وحرية التجارة، لكنه يحتاج إلى ضوابط لمنع الاستغلال، موضحاً أن “سورية تجد نفسها اليوم في وضع جديد وأن كل الجهات التي يمكنها الدخول والتلاعب السوق لن يكون هناك ضوابط أو تدخل من الدولة، والأصح هو ترك السوق يستقر أسعاره بحرية، ولكن يجب أن تكون الأسواق صارمة تحت السيطرة.”
وقال إن سوريا بحاجة إلى الاستقرار السياسي. إن التحرير الكامل لآليات السوق وضمان الملكية الخاصة سيطمئن المستثمرين ورجال الأعمال والصناعيين حتى عودتهم إلى أوطانهم، وهذا بحد ذاته يشكل تحدياً يتطلب قوانين وتشريعات وأنظمة وإجراءات مالية وجمركية.
وكان رئيس الوزراء محمد البشير قال قبل أيام في حوار خاص مع الجزيرة إنه لا خوف على رواتب موظفي القطاع العام التي سيتم صرفها في المواعيد المحددة، مشيرا إلى وجود دراسة تهدف إلى زيادة هذه الرواتب إلى التكيف مع تحديات الحياة.
وهذا ما قاله الخبيران الاقتصاديان في تعليقهما للجزيرة نت، مقدرين أن البنك المركزي لديه في خزائنه ما يكفي لدفع الرواتب ودفع رواتب موظفي الدولة والعاملين فيها.
ويقول شعبو إن زيادة الرواتب ثلاثة أو أربعة أضعاف لن تكون كافية، لأن تحديات حياة المواطن السوري ستتطلب أكثر من ذلك بكثير.