Physical Address
304 North Cardinal St.
Dorchester Center, MA 02124
Physical Address
304 North Cardinal St.
Dorchester Center, MA 02124
في حربها ضد لبنان، تعمدت إسرائيل تدمير وهدم المواقع التراثية والأثرية في الجنوب، في النبطية والبقاع. «محو جزء من ذاكرة لبنان التاريخية والثقافية والحضارية»، وهو ما ظهر جلياً بعد توقف آلة الحرب ودخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.
بيوت التراث والثقافة
وقد عانت مدينة النبطية كثيراً من هذا التغيير في تراث المدينة وقدراتها الثقافية، حيث حولت إسرائيل المقر السابق للمجلس الثقافي لجنوب لبنان، وهو بيت تراثي سابق بني حوالي عام 1935 إلى منطقة الميدان، إلى كومة من الأنقاض. . وقال رئيس فرع المجلس في النبطية كامل جابر: “منذ أكثر من 20 عاماً، وحتى العام 2019 بالتحديد، استضافت دارة كمال ضاهر المقر الرسمي للمجلس، وكان ذلك بمبادرة والمصلحة الشخصية للراحل”. الكاتب. حبيب صادق.
وعن رمزية المكان وأهميته في المدينة النابضة بالثقافة والعلم، يقول جابر لـ«الشرق الأوسط» كيف «شكل هذا المركز الثقافي ملتقى اجتمع فيه أدباء وفنانون من لبنان والعالم، مثل نعوم تشومسكي ومحمد علي شمس الدين، حسن داود، برهان علوية وسمير قصير، فتحية العسال، صادق جلال العظم، منير بشير، الطيب تيزيني، زين العابدين فؤاد… وغيرهم. كثيراً. ونظمت هناك مئات الأمسيات الثقافية ومعارض الرسم والصور والندوات، مما أضاف حركة ثقافية ملحوظة للمدينة وجمع جمهورا متنوعا.
وكان هذا المكان على وجه الخصوص حاضراً لكل من عرفه وزاره. يقول جابر: «الجميع أبدى إعجابه الكبير بهذا الموقع التراثي المحمّل بالدلالات الثقافية في المدينة، ولولا إصرار أصحابه على ترميمه، بسبب الصعوبات المالية، لما تركناه أبداً. والمؤسف اليوم أن إسرائيل جاءت ودمرتها. »
ويرى جابر أن هذا الفعل يأتي في سياق “تدمير جزء كبير من ثقافتنا وذكرياتنا، وكذلك ذاكرة سكان المدينة والفقيدين الذين ملأتها أنفاسهم وحوّلتها إلى أماكن مليئة من الحياة”، لافتة إلى أن إسرائيل اعتادت على قصف مثل هذه المباني منذ عام 1974، وبالتالي فإن هذا الفعل ليس جديداً عليها.
وعن سبب اعتزام إسرائيل هدم مثل هذه المباني، يقول جابر: “كما هو الحال في كل مكان، بهدف التدمير وإحداث الخراب، على عكس ما يدعون إليه من استهداف عسكري أو حزبي”.
ولم تكتف إسرائيل بذلك، بل استهدفت أيضاً بيت الشاهين، وهو بيت نبطي تقليدي آخر في حي السراي، بالإضافة إلى بيت خريزة آل التراثي. والجدير بالذكر أن الجيش الإسرائيلي دمر أحياء كاملة في النبطية ومبانيها وبيوتها شوارعها وأسواقها التجارية منذ بداية العدوان.
وتشمل قائمة الأهداف أيضاً مبنى “المنشية” الأثري المجاور لقلعة بعلبك التاريخية، وفندق تدمر الشهير، في أهم البلدات السياحية شرق لبنان.
ويقول الفنان والناشط في مجال الحفاظ على تراث بعلبك ياسر الشمالي لـ«الشرق الأوسط» كيف «دمرت غارة إسرائيلية مقهى المنشية، الواقع ضمن أراضي القلعة، قبل أكثر من 150 عاماً، وحولته إلى ركام. لافتاً إلى أن المقهى تحول في السنوات الأخيرة إلى متحف تراثي يضم أنواعاً من السجاد المنسوج على الأنوال للنسيج والفخار القديم والمشغولات اليدوية والملابس التقليدية، يزورها اللبنانيون والأجانب.
كما استهدفت إسرائيل ثكنة غورو وحدائق رأس العين في بعلبك. ويقول الشمالي: “كنا نخشى أن يتم استهداف القلعة التاريخية، لأن إسرائيل لا يردعها شيء، ونحن من جهتنا حاولنا إبعاد الناس عن المكان قدر الإمكان، من أجل “إسرائيل”. لا مبرر لهم بقصفها وتدميرها”، على اعتبار أن عذرهم لقصف المنشية هو وجود سيارات من نفس النوع “بيك اب” هناك.
خلال الأسابيع الأخيرة من الحرب، تعمد الجيش الإسرائيلي محاصرة أحياء في القرى الحدودية، كجزء من حملة تدمير ممنهجة في ميس الجبل، ومحبيب، والعديسة، وعيرون، ويارون.
وقال رئيس بلدية ميس الجبل عبد المنعم شقير: “في ميس الجبل نواجه العدو كل يوم، بالتفجيرات والفخاخ والدمار والمجازر. نحن مثل كل القرى الحدودية. وسقطت على القرية أكثر من 5000 قذيفة وشُنت حوالي 600 غارة جوية، مما أدى إلى تدمير أحياء سكنية بأكملها وآلاف المنازل، فضلاً عن المستشفى الحكومي الذي يخدم أكثر من 25 بلدة حدودية والقصر الحكومي.
وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «حتى المساجد ودور العبادة التي يعود تاريخها إلى مئات السنين وبيوت الأحياء التراثية والمقابر في المدينة لم تسلم من هذه الوحشية. هذا تدمير ممنهج لكل شيء في المدينة”، مشيراً إلى أن المدينة نفسها كانت وجهة المتسوقين من الحي ومن كافة أنحاء لبنان، لشراء المفروشات الناعمة والسجاد والأثاث وغيرها من الضروريات الأساسية، ولكن ذلك مثل القرى الحدودية. وكان لها نصيب كبير من الدمار والفخاخ، مثل بلدة المهيدب.
ويختتم: “لقد دمرت إسرائيل البنى التحتية الثقافية والتراثية والأثرية والتعليمية، حتى لم يبق من هذه المنطقة شيء. »
وفي قرية العديسة الجنوبية، دمر منزل الفنان التشكيلي الراحل عبد الحميد بعلبكي. وقام بتحويله إلى متحف جمع فيه تراثا ثقافيا هاما يتكون من الكتب والمنحوتات واللوحات والتحف والتحف النادرة. وكانت مقصداً للزوار من كل مكان.
وقال وزير الثقافة اللبناني محمد مرتضى لـ«الشرق الأوسط»: «منذ بداية الحرب، استهدف العدو المواقع الثقافية، مثل مدينة بعلبك التاريخية ومحيط القلعة مباشرة، فضلاً عن حي المنشية التاريخي. وقد تم تدمير المبنى، بالإضافة إلى إلحاق أضرار بجزء من سور المدينة الذي يعود تاريخه إلى العصر الروماني.
وأضاف مرتضى: “وفي مدينة صور أيضاً، تم قصف الواجهة البحرية والمدينة التاريخية الواقعة بين مواقع التراث العالمي البص والمدينة. وطال الهجوم العديد من المواقع الأخرى، مثل قلعة تبنين وقلعة شما ومعبد قصرنبا وسوق النبطية التاريخي والعديد من القرى التاريخية التي تم محوها بالكامل.
وفيما يتعلق بهدف إسرائيل، قال: “إن هذا العدو يستهدف بشراسة التراث المادي وغير المادي بهدف محو هوية وذاكرة وتاريخ وجذور الشعب في أرضه، ومحو ثقافة شعب مؤلف من جميع الأديان، والذي لقد تعايشوا على هذه الأرض منذ آلاف السنين، ولهذا السبب يقوم العدو، بتصور وتصميم مسبق، بهدم القرى التاريخية ومحيطها. “لبنان.”
يؤكد الوزير أن «وزارة الثقافة، منذ بداية الحرب، بدأت باتخاذ كافة الإجراءات الممكنة لحماية التراث اللبناني على المستوى الداخلي، من خلال خطة حماية المواقع الأثرية والمتحف الوطني، بالتعاون مع الدعم من كثير من الناس. الشركاء اللبنانيون، بقيادة الجيش اللبناني من خلال وحدة حماية الممتلكات الثقافية التابعة لفوج الأشغال العامة، والعديد من “المنظمات غير الحكومية الموثوقة لدى وزارة الثقافة”.
كما تتعاون الوزارة خارجياً مع العديد من الدول الصديقة ومع اليونسكو التي تعمل إلى جانب الوزارة على حماية الأصول الثقافية للبنان، ومع مؤسسة ALIPH التي تساهم في أعمال الحماية والترميم.